الأنبا موسى يكتب .. الدين.. العقل والعلم
02.06.2019 09:04
Articles مقالات
المصرى اليوم
الأنبا موسى يكتب .. الدين.. العقل والعلم
Font Size
المصرى اليوم

بقلم الأنبا موسى

كان القرن العشرون فيه نصف عدد علماء العالم منذ خلقة الإنسان. والطاقة التى استهلكها الإنسان خلال هذا القرن أكثر مما استهلكها منذ بداية تاريخه!

 

نحن فى عصر العلم الذى تتغير أسماؤه بسرعة رهيبة، فبمجرد أن أطلقنا عليه عصر الذرة، تعددت أسماؤه بسرعة فأصبحنا نسمع عن عصر الفضاء، والتفاعلات، والليزر، والكمبيوتر، والأقمار، والإشعاعات، والمعلومات... الخ.

 

قد يتصور البعض أن هذا التقدم العلمى المذهل يتعارض مع الإيمان، لكن إنجازات العقل الإنسانى تجعلنا نحترم هذا العقل!! والحقيقة أن إنجازات العلم الحديث، تدعم ثقتنا فى الإيمان، وتملأ قلوبنا يقينًا فى الرب الْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ (كو 3:2).

 

1- العقل... هبة الله

 

اتفقنا سابقًا على ذلك.. وهذه حقيقة أكيدة، فالعقل عطية الله للإنسان. خلقه لنا كى نتفهم ونتدبر أن نسلك بالحكمة. بل إن غاية العقل الإنسانى هو أن يعرف الله، وهو قادر على ذلك بالإيمان.

 

حينما تستنير بصيرة الإنسان الداخلية، يدرك ما لا يدركه المؤمنون، من الأمور التى لا ترى، ويتيقن منها حسب قول الكتاب: وَأَمَّا الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى (عب 1:11).

 

وحينما يدرس العقل الكون، يدرك الأمور السرمدية (الأزلية والأبدية)، وأمور اللاهوت والخلق والخلود. وحينما يتأمل مصنوعات الله المذهلة، أو جسم الإنسان الملىء بالأسرار، أو أبعاد الكون الشاسع، يسجد فى خشوع عند قدمى الرب، مقدمًا العبادة والتسبيح.. لأَنَّ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ تُرَى أُمُورُهُ غَيْرُ الْمَنْظُورَةِ وَقُدْرَتُهُ السَّرْمَدِيَّةُ وَلاَهُوتُهُ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ (رو 20:1).

 

2- الإنسان يكتشف القوانين

 

إن كل ما يفعله العقل الإنسانى هو اكتشاف القوانين الإلهية، التى يسير عليها العالم، فمثلا حينما أدرك الإنسان وجود قوة البخار كانت هذه القوة موجودة قبلا. وحينما اكتشف الطاقة الكهربائية، لم يكن يخترعها. وحينما اكتشف التليسكوب، رأى ما كان موجودًا أصلا، ولكن عينه المحدودة لم تكن لتستطيع ذلك. بل حتى حينما أراد الإنسان أن يضع قدميه على القمر، سار فى خشوع شديد، حسب قوانين الكون، التى وضعها مهندس الكون الأعظم. فانطلق الصاروخ بسرعة معينة ليفلت من الجاذبية الأرضية، وأخذ الإنسان معه الأوكسجين لانعدام الهواء هناك، وقدَّر جاذبية القمر، ومعنى انعدام الوزن..

 

أمور كثيرة جدًا سلك الإنسان حسبها، فاستطاع أن يتعرف على المزيد من أعمال الله، وعجائبه فى كونه.

 

3- الطفل والمحيط

 

سأل الناس العالم العظيم نيوتن: ماذا كان شعورك وأنت تكتشف قوانين الطبيعة؟ فأجاب قائلا: كنت كطفل صغير، يلهو على شاطئ محيط شاسع. وهذه حقيقة!! فالعلوم كلها تتضافر لكى تدرك بعضًا من أسرار الكون، وقوانين المهندس الأعظم. وفى كل يوم ندرك جديدًا من المعارف والاكتشافات والنظريات، فنتعرف على طاقات كامنة مذخرة، ونصل إلى اختراعات حديثة مدهشة.. كلها تمجد الله العظيم. ولا تنقص من دور الإيمان!

 

4- الإنسان ذلك المجهول

 

وإذا كان الكون مجهولاً شاسعًا، فالإنسان كون فى ذاته!! فأعماق النفس عالم شاسع. وأعماق الفكر الإنسانى فلسفات ودراسات. وأعماق الجسد دراسات تشريحية وهستولوجية وكيميائية مذهلة. فكم بالحرى أعماق الروح!! إن روح الإنسان هى سراج الإنسان، ومن خلالها يتعرف العقل على الله، ويصل إلى المعرفة الحقيقية المخلصة: وَهَذِهِ هِىَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِىَّ وَحْدَكَ (يو 3:17).

 

فلقد وضع الله الأبدية فى قلوبنا، التى بدونها لاَ يُدْرِكُ الإِنْسَانُ الْعَمَلَ الَّذِى يَعْمَلُهُ اللَّهُ مِنَ الْبِدَايَةِ إِلَى النِّهَايَةِ (جا 11:3).

 

نعم.. نحتاج إلى نور إلهنا العظيم، لنعرف الحق، والحق يحررنا.

 

* أسقف الشباب العام

 

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية

Leave Comment
Comments
Comments not found for this news.