فتحية الدخاخني تكتب بيشوى.. متى أصبح الاسم إهانة!
03.12.2018 03:30
Articles مقالات
المصري اليوم
فتحية الدخاخني تكتب بيشوى.. متى أصبح الاسم إهانة!
Font Size
المصري اليوم

بقلم فتحية الدخاخني

تجربة جديدة خضتها الأسبوع الماضى فى قطار النوم، من القاهرة للأقصر لمتابعة آخر الاكتشافات الأثرية بالمحافظة الجميلة الغنية بالحضارة المصرية، خلال رحلتى وزملائى كان المسؤول عن عربتنا بالقطار شابا يدعى بيشوى، حرص على تلبية طلباتنا، وتهدئة مخاوفنا من قطار النوم، حتى ارتبطت رحلتنا الأولى على متن قطار النوم باسم بيشوى.

 

فى طريق عودتنا للقاهرة، وفور دخولنا عربة القطار كنا نبحث عن بيشوى، بالطبع لم يكن هو نفس الشخص الذى رافقنا فى رحلتنا الأولى، لكننا دون تمييز أو قصد أخذنا ننادى الشاب الجديد باسم بيشوى، مما أزعج المسؤول الجديد ليبدأ فى التساؤل مين بيشوى ده؟، أوضحنا له المسألة، وفى المقابل قال لنا إن اسمه حسام، على أمل أن نناديه به، لكن هيهات فمازال اسم بيشوى مرتبطا بالقطار، وكلما رغبنا فى طلب شىء كان اسم بيشوى هو أول اسم يتبادر إلى أذهاننا وتنطقه ألسنتنا، لنفاجأ بحالة من الغضب والانزعاج من حسام الذى قال محتجاً: بلاش بيشوى ده.. أنا مسلم والله.

 

هذه الكلمات أوضحت سبب انزعاج حسام من اسمه الجديد، فهو ليس مجرد اسم بل هو رمز لدين آخر، وهو بالتأكيد لا يريد أن ينسبه أحد إلى دين الآخر، ليصبح الاسم الذى أطلقناه عفوياً نوعاً من الإهانة، فمتى أصبحت الأسماء تعبيرا عن ديانات، ومتى كان الانتساب إلى ديانة معينة إهانة بالنسبة لأصحاب الديانة الأخرى؟.

 

شريط من الأحداث مر بذاكرتى وأنا أستمع لحسام، بدءا من بعض الصفات التى يطلقها أتباع كل دين على الآخر، وصولا إلى أحداث عنف طائفية هزت مشاعرنا ولم نستطع وقفها، مكتفين بالشجب والإدانة، باعتبارها أحداثا فردية، مهما تكررت بنفس الشكل وبنفس الأسلوب، وتذكرتها مرة أخرى وأنا أقرأ ما كتبته زميلتى الصحفية المجتهدة سارة علام شلتوت، عندما قال لها بعض سكان المنيا: متخافيش إحنا مسيحيين زيك.. اجعدى واطمنى، وهى جملة تعكس حجم المخاوف التى ولدتها الأحداث السابقة، والتى مازلنا ننكرها.

 

نحن أمة كالنعام تصر على دفن رأسها فى الرمال، وترفض الاعتراف بالمشكلة، تاركة لهيب النار تحت الرماد، تشعله أى ريح قادمة، مكتفية بمحاولة إطفاء النيران فى كل مرة، على أمل أن تكون هذه هى المرة الأخيرة، لكن هيهات فعوامل تغذية النار كثيرة، والفصل بين الديانتين موجود منذ أول صرخة يصدرها الرضيع، يبدؤه الأهل بإطلاق أسماء تحمل تمييزا دينيا، وتعززه المدرسة بفصل الأطفال فى حصة الدين، وينميه المجتمع الذى تتحزب فيه كل طائفة ضد الأخرى، وأعتقد أننا لن نستطيع مواجهة هذه المشكلة إلا إذا اعترفنا أولاً بوجودها، واتخذنا قرارات جادة لحلها بعيدا عن اللقاءات والقبلات وعبارات المحبة والود والأخوة التى نطلقها عقب كل حادث.

Leave Comment
Comments
Comments not found for this news.