قال القمص يوحنا نصيف، راعي كنيسة السيدة العذراء مريم للاقباط الارثوذكس بولاية شيكاغو بأمريكا: إن معجزة إقامة المسيح لابن أرملة نايين، هي معجزة انفرد بذكرها إنجيل معلمنا القديس لوقا، وهي إحدى ثلاث معجزات لإقامة موتى ذكرهم الكتاب المقدّس بالتفصيل، مع إقامة ابنة يايرس وإقامة لعازر
واضاف في تصريح له عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، أن هذه المعجزة تحمل العديد من المعاني الجميلة.. وسأكتفي ببعض تأملات تلّغرافية مختصرة في بعض هذه المعاني:
منظر الشاب المحمول ميّتًا، هو منظر البشريّة التي كانت سائرة إلى الهاوية، فافتقدها المسيح وغيّر مسارها.. أحياها وعاد بها مرّة أخرى .
وهو أيضًا منظر كلّ نفس ماتت في الخطيّة، والكنيسة تبكي عليها.. فيأتي المسيح ويحييها، ويردّها بفرح لحضن الكنيسة أمّها.
المسيح هو الشخص الوحيد الذي يُمكنه إيقاف مسيرة الموت هذه.. هو الوحيد القادر على تحويل الموت إلى حياة والأحزان إلى أفراح.. هو الوحيد الذي يستطيع إعادة الإنسان إلى الحياة بعد الموت.
الموت هو ثمرة الخطيّة.. ثمرة مُرّة جدًّا.. تكشف عن بشاعة الخطيّة، وخطورة الاستهانة بها مهما بَدَتْ صغيرة.
منظر الجنازة يكشف كيف أنّ الإنسان لن يخرج من العالم بشيء.. فلابد أن يعمل حسابًا لهذا اليوم، ولا يضع رجاءه في هذا العالم ولا في أمواله أو ممتلكاته أو كرامته.. ولعلّ القدّيسين من أمثال الأنبا بولا أول السواح يعطوننا النموذج الجميل في احتقار أباطيل هذا العالم .
"تحنّن عليها، وقال لها لا تبكي".. حنان المسيح هو قاعدة الانطلاق التي نبعت منها كلّ تدابير خلاصنا، فهو غُلِبَ من تحنُّنه وأرسل لنا ذراعه العالية (ثيؤطوكيّة الإثنين).. وحنانه ومراحمه لا تزال ينبوعًا يفيض بالبركة والفرح على كلّ المُقبِلين إليه..
"ثم تقدّم ولمس النعش".. لَمْس النعش إشارة للتلامس مع محبّة المسيح وقوّته، وإشارة أيضًا إلى القوّة التي نحصل عليها من التلامس مع جسد المسيح ودمه الأقدسين في التناول من الأسرار المقدّسة كما جاء في آية: "أيها الشاب لك أقول قُم".. كلمة المسيح مُقتدرة في فعلها.. لقد استَدعى بكلمة بسيطة روح الشاب من أعماق الهاوية.. فهو القادر أن يهب الحياة لمن يشاء لأنه رئيس الحياة.. لذلك عندما مات على الصليب لم يستطِع الموت أن يمسكه، بل هو الذي ربط الشيطان وكسر سلطانه علينا.
وبحسب الإنجيل: "فجلس الميت وابتدأ يتكلّم، فدفعه إلى أمّه".. بعد القيامة (التي ننالها في سِر المعموديّة، وتمتدّ في حياتنا بالتوبة) يُقدّمنا المسيح إلى الكنيسة أمّنا، لكي نرتمي في أحضانها، ونعيش تحت ظِلّ أمومتها.. نتمتّع بغناها ودفء محبّتها، وبما تُعِدّه لنا من أطعمة لذيذة ومغذية، التي هي الأسرار المقدّسة والتعاليم الآبائية المُشبِعة.