في مثل هذا اليوم من العام 1968، كانت مصر مازالت تعاني من الآثار المروعة للنكسة، رؤوس منكسة وقلوب يملؤها الحزن، الشهداء في كل بيت وعار الهزيمة لا يمحوه وقت، كانت العذراء تتهيأ لتطل على مصر التي آمنت خوفها، فتهدأ من روع شعبها وتبعث تلك البركة التي تحل بوجودها، فما كان منها إلا أن ظهرت فوق كنيستها بالزيتون وهى الواقعة التي نالت اعتراف المجمع المقدس للكنيسة وسجلها التاريخ الكنسى ولجان كنسية وشهادات للشهود.
ورغم طفولته وصغر سنه لكنه لازال يتذكر واقعة الظهور بكل تفاصيلها وأحداثها بكل دقة منذ 50 عام هكذا يذكر شادي شكرى سعد - 63 عاما- لـ"اليوم السابع" أنه عندما سمع عن الظهور كان عمره وقتها 13 عاما، وكان يشاهد التلفزيون مع أسرته وجاء أخيه الأكبر وأخبرهم بأن العذراء قد ظهرت على قباب الكنيسة وكان يوم الثلاثاء مابين السابعة والنصف والثامنة مساء.
وأضاف: "بعد ما أخبرنا أخي هذه الرواية ذهبنا مسرعين للشارع لدرجة أن بعضنا خرج بالشبشب ومنهم من خرج بالبيجامة وغيرهم خرج حافي القدمين، وشاهدنا السيدة العذراء على القبة الشرقية البحرية على منظر العذراء النصف التي تنظر فيها بنظرة حزن وهذا هو ما رأيناه على القبة وسط نورها".
وتابع شادى قائلاً: "بعض المارة كان يقفون ومن ضمن الأشخاص أحدهم بموتوسيكل قديم وشكك أن هذا نتيجة إضاءة ما، فقام هو وأحد الاشخاص بتوجيه اضاءة الموتوسيكل تجاه النور لكى يتأكدوا من أن الاضاءة تخرج من مكان ظهور العذراء ولكن في هذه اللحظة العذراء ظهرت أكثر والجسم النورانى ظهر بوضح والقبة كلها تحولت لنور وصورة العذراء لم تمحى نهائيًا".
واستطرد قائلاً: "استمر الظهور لفترات عديدة وكان يأتى الأشخاص من مناطق وبلاد مختلفة بعد انتشار الخبر داخل وخارج الزيتون كل هذا رغم صعوبة المواصلات ووسائل الاتصال لكن الخبر انتشر".
وأشار شادى إلى أنه كان يرى الظهور من شرفة المنزل والشبابيك الخاصة بهم نظرًا للزحام وأشخاص أخرى يتباركون من العذراء والظهور، موضحًا أن الكثير من الأشخاص رأوها بكامل هيئتها وهي تتحرك على القباب".
كما أن من ضمن الأشياء التي حدثت معهم أن أحد الهيئات الإنجليزية حضرت إليهم لكى تتأكد وقضيت ليلة كاملة للتوثيق وجاءوا وتأكدوا بنفسهم من شرفة منزلهم.
"العذراء كانت تظهر كل يوم ليلا، ولو لم تظهر العذراء كان يظهر الحمام".. يقول شادي، ويضيف: "أوقات عديدة كان لا يتواجد أحد داخل الكنيسة ولكن كان الجميع يشم رائحة بخور قوية جدًا، وحينما كانوا يرون الحمام ويشمون رائحة البخور كانوا يهللون بالتسابيح وكان الحمام ناصع البياض".
وأضاف أن من أبرز الشخصيات التى زارت الكنيسة اللجنة الباباوية والبابا شنودة زار الكنيسة قبل توليه البطريركية وبعدها أيضا زارها مرة أخرى وأيضا عادل إمام والفنان عزت العلايلى.
وكان الكثير من أخوتنا المسلمين يهتمون أن يشاهدوها ويأتون من مختلف المناطق ليشاهدوا احداث الظهور رغم قلة المواصلات والعديد من أصدقائه شاهدوا الظهور بنفسهم.
وأنشئت كنيسة العذراء مريم بالزيتون عام 1925 على يد توفيق خليل إبراهيم الذي قرر إنشاء الكنيسة باسم السيدة العذراء، كما كان يفعل والده في السابق وقام بتدشينها الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف، وأيضا كان أول كاهن يصلي بهذه الكنيسة هو القمص دانيال مسيحة.
مساحة الكنيسة 250 متر مربع وبها خمس قباب، وداخل الكنيسة أيقونات عديدة للسيدة العذراء والملائكة والقديسين وتحتوي أيضا على بعض الأيقونات التي أهديت من الإمبراطور هيلاسيلاسي عند زيارته للكنيسة.
بعد تجلي "ظهور" السيدة العذراء في عام 1968 أصبح زوار الكنيسة بآلالاف بعد ما كان يقدر عدد المصليين بالكنيسة حوالى 20 أسرة، لذا حصلت على المساحة المقابلة لها وتم بناء كاتدرائية كبيرة أمام الكنيسة القديمة.
وتعد كاتدرائية كنيسة العذراء الزيتون ثانى أكبر كاتدرائية من حيث المساحة بعد الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، حاليا ستكون رقم 3 بعد كاتدرائية العاصمة الإدارية، وقد وضع حجر الأساس للكاتدرائية الجديدة بالزيتون البابا شنودة الثالث يوم الخميس 25 مارس 1976م. وتحتوى الكاتدرائية على مستشفى ومبان للخدمات ودور للمسنين والمغتربين.
وأعلن البابا تواضروس الثاني في عام 2016 أثناء ترأسه صلاة العشية لتجليس أسقفين ورسامة 3 آخرين بأمريكا، في كنيسة العذراء الزيتون عن تحويل كنيسة العذراء بالزيتون لمقر بابوى وهو ما لقى ترحيب من الحضور في الصلاة.