سلط موقع "ذا كولكتر" الكندي، الضوء على كيفية كتابة مصر تاريخ أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية في العصر الحديث.
وأكد الموقع، أن البداية كانت عام 1956، عندما قام الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس، التي كان معظمها مملوكًا لمستثمرين بريطانيين وفرنسيين، وتُعدّ هذه القناة جزءًا رئيسيًا من الشحن البحري عبر المحيطات، وسمحت للسفن بالمرور إلى البحر الأبيض المتوسط من البحر الأحمر، ما أدى فعليًا إلى ربط أوروبا بالمحيط الهندي والتجارة من آسيا.
وتابع أنه عقب قرار التأميم سرعان ما تحركت إسرائيل وبريطانيا وفرنسا للتدخل وغزو مصر، على خلفية الحرب الباردة والحركة المناهضة للاستعمار، أدت الإجراءات العدوانية التي قامت بها إسرائيل وبريطانيا وفرنسا إلى تصعيد التوترات مع الدول العربية المدعومة من الاتحاد السوفيتي في الشرق الأوسط، كما انتقدت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي والأمم المتحدة التدخل.
مصر قلب الشرق الأوسط
وأكد الموقع الكندي، أنه لطالما كانت مصر هدفًا للاستعمار الغربي، حيث احتلتها بريطانيا عسكريًا لأكثر من 80 عامًا، ثم الاحتلال الثقافي الفرنسي ومحاولة السيطرة على الهوية والثقافة الفرعونية، إلا أن كلا البلدين فشلا في تحقيق أهدافهما في مصر، حيث خسر نابليون بونابرت معركته سريعًا في مصر، وتحولت أرض الفراعنة لمصدر إلهام لعلماء فرنسا ونتج مصطلح "إيجبتومانيا" أو الهوس المصري، كما فشلت بريطانيا في فرض وصايتها على مصر ورحل آخر جندي بريطاني عنها عام 1956.
وتابع أن مصر كتبت نهاية الاستعمار الأوروبي، فبالرغم من العلاقات القوية التي تربط مصر مع أوروبا في العصر الحديث، إلا أنها كانت السبب في وقف الهيمنة الأوروبية على العالم، حيث كانت مصر صاحبة الانتفاضة في إنهاء الاستعمار الأوروبي بدعم كبير من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة.
وأشار إلى أن الولايات المتاحدة حذرت أوروبا من استمرار استعمارها لمصر وغيرها من دول شمال إفريقيا، خوفًا من تزايد الاتحاد بين هذه الدول والاتحاد السوفيتي، كما أن فكرة الاستعمار بدأت تتعارض مع التوجه الأمريكي نحو الديمقراطية وسيادة الدولة.
وأوضح الموقع الكندي، أن مصر كانت محل اهتمام الاتحاد السوفيتي خلال خمسينيات القرن الماضي بسبب قناة السويس وموقعها على البحر المتوسط، بشكل عام، رغب الاتحاد السوفيتي في تحسين العلاقات في العالم العربي، واعتبرت مصر الدولة العربية الأكثر حداثة.
وتابع أن عبدالناصر أيقن أهمية مصر وموقعها الجغرافي، فأصدر قرار بتأميم الممر الملاحي الأهم والأبرز في العالم، وهو ما أثار غضب فرنسا وبريطانيا وإسرائيل، وأجرى الثلاثي محادثات سرية لغزو مصر، حيث اعتبرت إسرائيل مصر تهديدًا عسكريًا لسيادتها.
اشتباك ونهاية للهيمنة
وأكد الموقع الكندي، أن العدوان الثلاثي على مصر، كشف الوجه القبيح للاستعمار الأوروبي، ومع التقدم العسكري للدول الثلاث في مصر، كان لعبدالناصر خطة بديلة صدمت أوروبا، حيث أوقف المصريون الملاحة في القناة بسدها بالسفن الغارقة، ودمرت القوات المصرية النفط العراقي الذي كان تحت السيطرة البريطانية منذ الحرب العالمية الثانية، وأدى إغلاق القناة والمحاولات المصرية لتدمير النفط المتجه إلى أوروبا إلى تفاقم النقص المستمر في النفط بشكل كبير، لذا كان الغزو الأنجلو-فرنسي لمصر نجاحًا عسكريًا سريعًا، ولكن واجهت الدول الثلاث خسائر كبرى في الاقتصاد وعاصفة غضب دولية، قادتها الولايات المتحدة.
وتابع أنه بالرغم من الانتصار العسكري، انسحبت فرنسا وبريطانيا من الحرب، بعد تهديدات روسية مباشرة بالاشتباك عسكريًا والدفاع عن مصر، فضلًا عن الغضب الدولي الكبير والتهديدات بمحاصرة الاقتصاد الأوروبي، وانهار الجنيه الاسترليني والفرنك الفرنسي في أسواق العملات الدولية، ورفضت الدول العربية تصدير النفط لأوروبا، وهددت الولايات المتحدة بريطانيا بإغراق اقتصادها، فلم يكن أمام فرنسا وبريطانيا حلًا سوى الخضوع ووقف إطلاق النار.
وأوضح الموقع، أن تبعات العدوان الثلاثي تركت ندوب كبرى على الاقتصاد البريطاني والفرنسي، وأدى الإذلال الذي تعرض له التحالف الأنجلو فرنسي خلال أزمة السويس إلى تحول ديناميكيات السلطة في الغرب، وأصبحت الولايات المتحدة منذ ذلك الحين هي القوى العظمى بعد أن أبدت حسن النية في الأزمة ولعبت دور صانع السلام، لتنقلب خريطة العالم الحديث بسبب مصر، حيث أنهت أزمة السويس أيام بريطانيا وفرنسا كقوى عالمية أحادية الجانب.