
في أجواء روحية مفعمة بالمحبة والسلام، شهد دير مار جرجس البطريركي للروم الأرثوذكس في مصر القديمة يوم الثلاثاء ١٨ فبراير ٢٠٢٥، احتفالًا خاصًا بيوم الصلاة من أجل وحدة المسيحيين، بحضور ممثلي الكنائس الأعضاء في مجلس كنائس مصر، بحضور القس يشوع بخيت، الأمين العام للمجلس، وعدد من أصحاب النيافة والسيادة الآباء المطارنة والأساقفة، وبحضور الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط، البروفيسور ميشيل عبس، الذي كان ضيف الشرف في هذا الحدث الروحي الجامع وبرفقته وفد المجلس الأمين العام الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط الدكتور جرجس صالح، والأمين العام المشارك القس د. رفعت فكري، ومسؤولة الإعلام ومنسقة العلاقات الكنسية والاعلامية في المجلس ليا عادل معماري.
كلمة مسكونية تعبق بالمحبة والرجاء
ألقى الأرشمندريت د. دمسكينوس الأزرعي، وكيل بطريرك الروم الأرثوذكس في الإسكندرية، كلمة مؤثرة حملت في طياتها روح المحبة المسكونية والتأكيد على أهمية الوحدة المسيحية. استهل كلمته بنقل تحيات ومحبة غبطة البابا والبطريرك ثيوذوروس الثاني، بابا وبطريرك الإسكندرية وسائر إفريقيا، معبرًا عن ترحيبه الحار بالحضور وبضيف اللقاء البروفيسور ميشيل عبس، قائلًا:
“نُرحب بكم جميعًا في هذا الدير العريق الذي احتضن عبر العصور صلوات الإيمان والرجاء. ونرحب بشكل خاص بسعادة البروفيسور ميشيل عبس في بلده الثاني، مصر المباركة، أرض السلام والتاريخ والإيمان، شاكرين جهوده الدؤوبة في تعزيز روح الوحدة والتعاون بين الكنائس.”
كما عبّر الأرشمندريت دمسكينوس عن مشاعر التعاطف العميق والتضامن الروحي مع بلدان المنطقة التي عانت في السنوات الأخيرة من ويلات الحروب والأزمات، مؤكدًا: “نحن اليوم نصلي من أرض السلام، مصر، من أجل أن يبعث الله الرجاء والفرح في قلوب كل من يعاني من الحزن والخوف، لأن الرب هو مصدر الرجاء.”
إيمان حيّ وذكرى مسكونية خالدة
استحضر الأرشمندريت دمسكينوس في كلمته حدث ظهور الرب يسوع لشاول الطرسوسي على طريق دمشق، مؤكدًا أن هذا الحدث التاريخي يُذكّرنا بأن الرجاء في المسيحية لا ينطفئ، وأن المسيحي مدعو دائمًا للثبات في الإيمان مهما عصفت به الأزمات. واستشهد بكلمات القديس بولس الرسول إلى أهل رومية: “فرحين في الرجاء، صابرين في الضيق، مواظبين على الصلاة” (رو 12: 12).
وأضاف: “إن موت السيد المسيح وقيامته المجيدة يُغذيان الأمل والرجاء في قلوبنا، والرجاء الذي تكلم عنه يسوع هو تعزية لكل متألم ومُحبط. وها نحن اليوم نرفع صلاتنا لكي يمنح الرب السلام والطمأنينة لكل المتألمين، ويقود العالم من ويلات الحروب إلى واحة السلام.”
القديس أثناسيوس الكبير: نموذج إيماني خالد
وفي سياق الاحتفال بالذكرى الـ1700 لانعقاد المجمع المسكوني الأول في نيقية عام 325م، ألقى الأرشمندريت دمسكينوس الضوء على شخصية القديس أثناسيوس الكبير، بصفته أحد الشخصيات البارزة في هذا المجمع وفي الحفاظ على الإيمان، واصفًا القديس أثناسيوس الكبير بمعلّم المسكونة، والراعي الحقيقي لكنيسة المسيح. وبوق الكنيسة ورادع البدع بقوة الروح القدس.
وأضاف انه أثناء إنعقاد المجمع المسكوني الأول بدعوة من القديس والملك قسطنطين الكبير سنة ٣٢٥م في مدينة نيقية لردع بدعة أريوس، كان القديس أثناسيوس رئيس شمامسة، ورغمَ صِغرِ سنهِ إلا أنه كان من البارزين في الردّ على آريوس والتصدّي لأرائه الهرطوقية، إذ أن هرطقة آريوس تعدت كونها مجرّد رأي لأن إقتبالها كان معناه ضرب المسيحية في الصميم.