كتب الأنبا إرميا في «المصرى اليوم» تحت عنوان: «مبدد الوثنية».. كانت الإسكندرية تشتمل على عدد كبير من الديانات الوثنية، منها الديانات الفرعونية بآلهتها مثل «آمون ملك الآلهة» ورع إله الشمس، وباخت إلهة الحرب، بتاح إله مدينة منف وغيرهم كثيرون! انتهى كلام الأنبا إرميا، ولو أنه قرأ ما كتبه ماسبيرو: هام المصريون بحب الله وذكره، وامتلأت كتبهم بمحاسن أفعاله، وما كتبه ويل ديورانت، صاحب موسوعة قصة الحضارة «مصر هي أول من دعت إلى التوحيد»، وما كتبه هنرى بروجش «كانت عقيدة مصر هي قمة القمم في التوحيد»، وما كتبه عباس محمود العقاد في كتابه «الله»: «لقد وصل المصريون إلى التوحيد»، وما كتبه الدكتور ثروت عكاشة: «فكرة التوحيد، مصر مصدرها»، وما كتبه الدكتور عبدالعزيز صالح: «عبدت مصر الإله الواحد الذي لا شريك له». نجد على متون الأهرام في الدولة القديمة: «واع واعو.. نن سنو» أي واحد أحد ليس له ثان، كما نقرأ أيضاً: «يانوك نيتر واع واعو»: أي أنا الإله واحد أحد، «حبردس إف»: أي موجد نفسى بنفسى، «نن سنو إف أى»: ليس أحد مثلى، أما «باخت» فهى إلهة بطلمية وليست مصرية يا أبانا!!إذن هي ليست آلهة عديدة، إنما إله واحد بصفات عديدة، فالأب والابن والروح المقدس صفات ثلاث لإله واحد، كذلك الله، الرحمن، الرحيم- صفات ثلاث لإله واحد، كذلك آمون صفة الإله الباطن الذي لا يمكن معرفة اسمه أو رؤيته، رع هو قوة الله الكونية الممثلة في قرص الشمس، بتاح هو صفة الإله القادر على الخلق، وما زلنا نقول جميعًا آمين وهى آمون، ونقول السيد المسيح شمس البر «رع»، ونقول يا فتاح يا عليم وهى أصلًا بتاح الخالق، كلها صفات عدة لإله واحد.
تشوهون تاريخ مصر وتكتبون مصر الحلوة!
تدمرون الانتماء لمصر بأنها كانت وثنية!
لا تعرفون أن مصر صاحبة أعظم قانون أخلاقى وأعظم عدالة اجتماعية وسياسية وتقولون سخرة! ظلم! ظلموا بنى إسرائيل! ولو تمعنت ما تقرأ لعرفت أن بيوت العبرانيين كانت مثل بيوتنا، وأعطيناهم ثيابنا وذهبنا وفضتنا، بل كانوا يأكلون لحمًا في مصر حتى يشبعوا، أين الظلم إذن؟! كانت الثورات ضد الرومان قبل المسيحية، فأصبح الاستشهاد بعدها!! أين المقاومة الشعبية؟! ضاعت مصر! ولو تأملتم حياة السيد المسيح لعرفتم أنه كان الثائر الأول الذي قلب موائد الصيارفة كما هاجم اليهود ووصفهم بالأفاعى، بالكذبة، المنافقين، كالقبور البيضاء من الخارج ومن الداخل عظام ينخر فيها السوس.
كان مطران خليل مطران مثلك يا أنبا إرميا، قال ما قلته، ورد عليه أمير الشعراء:
زعموا أنها دعائم شيدت
بيد البغى ملؤها ظلماء «ظلم».
أين كان القضاء والعدل
والحكمة والرأى والنهى والذكاء؟
إذا كان غير ما أتوه فخار
فأنا منك يا فخار براء!
لا تردد يا أبانا ادعاءات الصهيونية العالمية، وتذكر كلمات المفكر اليونانى حين هزمت اليونان أسبرطة «هزمناهم ليس حين غزوناهم. بل حين أنسيناهم تاريخهم وحضارتهم!» فلا تجعلنا ننسى ونحتقر تاريخنا وحضارتنا.
كيف تتفق الوثنية مع هذا الإعجاز العلمى الفلكى، المعمارى، الذي احتارت فيه البشرية حتى الآن، والتى لم تعرف أن هناك بعثا «حياة بعد هذه الحياة» إلا من مصر!!
تعلم فليس المرء يولد عالمًا
وليس أخو علم كمن هو جاهل
وإن كبير القوم لا علم عنده
صغير إذا التفت عليه المحافل.