فى وقت اشتدت خلاله وتيرة الإرهاب على مصر، وأصبح المصريون مستهدفون فى أنحاء الجمهورية، وتحديدًا الأقباط منهم، الذين تكاثرت عليهم خلال الفترة الأخيرة العمليات الإرهابية، أضحى الكهنة والقساوسة فى أوضاع خطرة ومستهدفون بشكل كبير.
ربما اتضحت تلك الصورة بشكل أعمق، مع ظهور مطالبات خلال الفترة الأخيرة بحماية القساوسة والكهنة من خلال تجريم ارتداء الزي الكنسي، واعتباره زيًا رسميًا من قبل الدولة، ومحرمًا ارتداؤه على كل من لم يسلك درب الكهنوت القبطي، فى الوقت الذي رأى فيه البعض مبالغة بعض الشيء فى الأمر.
السبب الرئيسي وراء تكاثر تلك المطالبات، يعود إلى استخدام واستغلال بعض المستبعدين من أروقة الكنيسة للملابس سواء فى جمع تبرعات من الأقباط، أو لتحقيق أغراض خاصة قد تخالف كل الأعراف الدينية، أو استخدامه فى بعض العمليات الإرهابية، أو الاستدلال من خلاله على الكهنة الأقباط واستهدافهم من قبل المتطرفون.
يقول القمص صليب متى، راعي كنيسة مارجرجس، إن هناك ضرورة قصوى لمثل ذلك القانون، لكون البعض يقوم بأفعال مُشينة تحت عباءة هذا الزي المُقدس، فلا بد من اعتباره مثل ملابس الشرطة والجيش بسبب خصوصيته.
ويوضح لـ"الدستور" أن الكاهن لديه مكانة مقدسة لدى الأقباط، ويقوم بالدخول إلى منازلهم ومباركتهم، وهي ثقة كبرى بين الطرفين، من الممكن استغلالها حال عدم تجريم ارتداء ذلك الزي المقدس لغير الكهنة والأقباط.
ويشدد على أن القانون يمنع حلول كوارث عديدة، منها عدم قدرة البعض على اقتحام بيوت الأقباط كأحد الكهنة ذوي الثقة، وخداعهم والقيام بجرائم معينة، مشيرًا إلى أن الفترة الأخيرة شهدت قضايا نصب واستغلال من قبل البعض بسبب الزي الكهنوتي.
مطالبات تجريم ارتداء الزي الكنسي لغير الكهنة قديمة الأزل، وكل فترة تتجدد دون مجيب، فقد ظهرت منذ عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وحتى عهد الإخوان، حين تقدمت الكنيسة بطلب لتقنين ارتداء الزي إلى حكومة هشام قنديل دون جدوى.
وشهدت تلك الفترة محاولات متكررة للبابا الراحل شنودة الثالث، فى تحقيق ذات الهدف، وحالت الظروف دون ذلك، ليستكمل بابا الكنيسة الحالي مساعيه لوجود ذلك القانون.
وسبق وتحدث البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، عن ذلك الأمر قائلًا: "طالبت أكثر مرة من الدولة بتسجيل الزي الكنسي، ولكن للأسف رفضت، وأنا ما زلت أطالب بتسجيل الزي الكهنوتي"، مؤكدًا أن الكنيسة تسعى جاهدة لإدراج الزي الخاص بها واعتباره رسميًا لا يجوز ارتداؤه لغير السالكين درب الكهنوت.
ويوضح جمال أسعد، المفكر القبطي، أن قانون تجريم الزي الكهنوتي كانت إحدى المطالب، التي نادى بها الأقباط منذ عهد البابا شنودة الثالث، حتى لا يقوم أحد بارتدائه وارتكاب جرائم مستغلًا الثقة التي يكنها العوام للكهنة.
ويشير فى تصريحات لـ"الدستور" إلى أن بعض الكهنة يتم شلحهم (طردهم) من الكنيسة والدرب الكهنوتي، فلا بد أن يخلعون ذلك الزي ويحلقون اللحيّ، إلا أن البعض منهم يحتفظون بمظهرهم الكهنوتي استغلالًا له.