تَفصِلنا ساعات قليلة علي بداية الأسبوع الأكثر قداسة لدى الأقباط وهو "أسبوع الآلام", ويعد ذلك الأسبوع الأخير في الصيام الكبير الذي يتكون من 55 يوماً لينتهي بعيد "القيامة المجيد", فهو أسبوع مليء بالأحداث الشاقة التي مر بها "السيد المسيح" قبل صلبه.
فنجد أن هذا الأسبوع المقدس الذي يبدأ بآلاّم كثيرة وينتهي بفرح عظيم, لذلك سوف نقوم معاً بجولة قصيرة نتنقل من خلالها بين أيام ذلك الأسبوع المقدس ولكن في زمن اّخر يبعد عن يومنا هذا بحوالي 1987 عاماً فهذه الأحداث كانت تحديداً عام 30 ميلادياً.
-(أحد الشعانين أو حد الزعف) يمكننا تسميته بأي من الأسمين فكلاهما صحيح فالأول هو الاسم المذكور في الإنجيل أما الثاني فهو ما نطلقه عليه بالعامية نظراً لمظاهر احتفال الأقباط مستخدمين زعف النخيل لعمل به الصلبان والعديد من الأشكال ولكن هذا يحدث سريعاً فبانتهاء القداس يصبح هذا سلوك غير لائق لقدسية طقوس "أسبوع الآلاّم" فكيف تلعب بالزعف والمسيح قد بدأ رحلة آلاّمه الشاقه لينتهي به المطاف بصلبه علي صليب عملاق بجانب المذنبين.
بعد انتهاء القداس تنسدل الستائر السوداء التي تتوشح بها الكنيسة حزناً لآلام سيدها "السيد المسيح" يتم بعدها عمل صلاة "الجنّاز", حيث يكون قد بدأ "أسبوع الآلام" وهذه الصلاة لابد ان يحضرها الجميع, لأن إذا تُوفي أحد يكون قد صُلي عليه في هذه الصلاه لأن الكنيسة في هذا الاسبوع لا تصلي جنازات مطلقاً إهتماماً لرب المجد وآلاّمه ولا تقام القداسات حتي يوم خميس "العهد".
-(أربعاء أيوب) ينسب ذلك لقراءة آيات من "سفر أيوب" والذي يُعد رمزاً "للسيد المسيح" في تحمل الآلام.
-(خميس العهد أو الخميس الكبير) هو تأسيس "السيد المسيح" لعهد جديد مع مؤمنيه, والجدير بالذكر بأنه تم محاكمته ثلاث مرات, مرة من خلال رئيس كهنة اليهود "قيافا" والثانية "هيرودس" وأخيراً من "بيلاطس البنطي" الحاكم الروماني الذي عود الشعب اليهودي في عيد "الفصح" بإطلاق سراح أسير من السجون فقام بإطلاق سراح لصاً وصلب "السيد المسيح" بناءاً علي رغبة الجماهير.
-الجُمعة(العظيمة أو الكبيرة أو الحزينة) تم فيها جلد "السيد المسيح" وحمل خشبة الصليب التي تزن "80 كيلو" من دار الولاية إلي جبل الجلجثة "الجمجمة" وصلبه اليهود عليه بدق المسامير حتي سلم روحه الطاهِـــرة, وشاركت الطبيعة حزنها من خلال زلزلة عظيمة وكسوف كلي للشمس, وقام بدفنه شخص يدعي"يوسف الرامي".
-سبت(الفرح أو النور أو ليله أبوغلمسيس) يتم فيه تزيين الكنيسة بالستائر البيضاء لقيامة "السيد المسيح" حسب وعده لمؤمنيه.
-(أحد القِيامة) الذي قام فيه السيد المسيح وحقق وعده الأمين.
عادات إجتماعية
وأعتاد الأقباط علي ممارسة بعض الطقوس الاجتماعية في أسبوع الآلام الذي يبدأ من "أحد الشعانين" وينتهي بعيد "القيامة المجيد" وتلك الطقوس تحولت إلي عادات وتقاليد عريقة في المجتمع المصري القبطي تترجم معتقدات دينية معينة فمثلاً: الزعف وهو جريد النخيل الذي يستخدمونه في عمل أشكال دينية مختلفة كالصلبان و غطاء القربان وغيرها من الأشكال فالأقباط يجيدون تلك العادة من مئات السنين, وهناك أشكال اجتماعية أخري كالزهور والخواتم و الغوايش المصنوعة من الزعف والورد معاً.
ويُعد إستخدام الزعف في "أحد الشعانين" رمزاً لاستقبالهم للسيد المسيح في "أورشليم"، كما إنهم إعتادوا علي عمل أكلات نسكية و زهدية لا تكلفهم وقتاً في عمله حتي يتفرغوا لقضاء أوقاتهم في الكنائس والتأمل في آلام "السيد المسيح" الذي هو محور ذلك الأسبوع وأحداثه, يجب أيضا الإبتعاد في ذلك الأسبوع عن الأكل المحلي والحلويات بشكل عام وتكون الأكلات التقليدية لذلك الأسبوع هو الفول النابت والعدس والفريك والخرشــوف, تلك العادات البسيطة تشير لمعايشتهم لهذا الأسبوع المقدس.