تستعد الكنيسة الأرثوذكسية للاحتفال بعيد القديس الأنبا بولا اول السواح وذلك في 9 من فبراير الجاري، وعن مصطلح السواح او السياح الروحيين، فيقول الباحث الكنسي شريف برسوم في تصريح خاص ان السائح هو راهب يحب الوحدة ويعيش في الصحراء (البرية الجوَّانية)، لا يري إنسانًا لمدة طويلة يقضي حياته في التسبيح لله والصلاة من أجل العالم كله. وقد يتنقَّل بين مكان ومكان بالروح.
وإن كان نظام الشركة يُمثِّل النظام العام الذي يحتمله الكثيرون، فإن نظام الوحدة يحتاج إلى جهاد أعظم... أما السياحة فتعني أن المتوحد يترك قلايته أو مغارته لينطلق في البرية (الصحراء) الداخلية ليعيش سنوات لا يرى وجه إنسان، يقتات على بلح من نخلة أو بعض الأعشاب مع ماء ينبوع، والبعض كانت الغربان تطعمهم يوميًا مثل الأنبا بولا أول السواح
عن الأنبا بولا اول السواح فبعناية إلهية التقى القديس أنبا أنطونيوس أب الأسرة الرهبانية ومؤسسها في العالم برئيس المتوحدين الذي سبقه بسنوات طويلة في حياة رهبانية خفية وسط البرية لا يعلم عنه أحد سوى الله الذي كان يعوله بغرابٍ يقدم له نصف خبزة يوميًا لعشرات السنين؛ يشتّم الله صلواته وتسابيحه رائحة سرور، فدعاه: "حبيبي بولا".
وهو ولد في مدينة الإسكندرية نحو سنة 228 م، ولما توفي والده ترك له ولأخيه الأكبر بطرس ثروة طائلة، فأراد بطرس أن يغتصب النصيب الأكبر من الميراث. إذ اشتد بينهما الجدل أراد القديس أنبا بولا أن يتوجه إلى القضاء. في الطريق رأى جنازة لأحد عظماء المدينة الأغنياء، فسأل نفسه إن كان هذا الغني قد أخذ معه شيئًا من أمور هذا العالم، فاستتفه هذه الحياة الزمنية والتهب قلبه بالميراث الأبدي، لذا عوض انطلاقه إلى القضاء خرج من المدينة، ودخل في قبر مهجور يقضي ثلاثة أيام بلياليها طالبًا الإرشاد الإلهي.
ظهر له ملاك يرشده إلى البرية الشرقية، حيث أقام بجبل نمرة القريب من ساحل البحر الأحمر. عاش أكثر من 80 سنة لم يشاهد فيها وجه إنسانٍ، وكان ثوبه من ليف وسعف النخل، وكان الرب يعوله ويرسل له غرابًا بنصف خبزة كل يوم، كما كان يقتات من ثمار النخيل والأعشاب الجبلية أحيانًا، ويرتوي من عين ماء هناك.