مع دقات العاشرة صباحا، في صباح يوم الحادي عشر من ديسمبر العام الماضي، ارتفعت أصوات صافرات سيارات الإسعاف، وهرولة المنقذين وصراخ المصابين وأهالي الشهداء، في محيط الكنيسة البطرسية بمنطقة العباسية، بعد أن فجر إرهابي نفسه داخل الكنيسة خلال إقامة الصلوات، وراح ضحيتها 29 شهيدا، وعشرات المصابين، وعاشت المنطقة ليلة حزينة انتشرت بعدها سرادقات العزاء في الشوارع، و تركت مشاهد يوم لاينسى لسكان الشوارع المطلة على الكنيسة والمجاورة لها لاتزال محفورة في أذهانهم حتى اليوم.
استيقظت ياسمين(25 عام) هي وأخوتها ووالدتها، على أصوات عالية في الشارع، ارتفعت معها أجراس هواتفهم المحمولة من أفراد عائلتهم يطمئنون عليهم، ونظرا لوقوع الانفجار في أحد المباني الداخلية للكتدرائية وكبير مساحتها الداخلية لم تسمع صوت الانفجار لحظة وقوعه رغم وقوع منزلها بنفس الشارع، إلا أنها وحسب حديثها لـ"الوطن" بصت من الشباك شافت ناس بتجري وصريخ وعربيات شرطة وإسعاف في كل مكان.
"محدش خرج من البيت طول اليوم ومحدش راح شغله"، هكذا قضت ياسمين وأخوتها ووالدتهم يوم تفجير الكنيسة البطرسية، وطوال اليوم ظلت صافرات الإسعاف ونداءات المسعفين وصراخ المصابين وأسر الضحايا تدوي في أرجاء شارع الكنيسة والشوارع المجاورة له.
هدأت الحركة، قليلا، مع قدوم الليل، لتتمكن ياسمين ووالدتها من النزول إلى الشارع، بخطوات حذرة لمعرفة ماذا يحدث في محيط المنزل، لترى مشهد لسيارات الأمن المركزي المصطفة على جانبي الطريق، ورجال الأمن المنتشرين في كل مكان، إضافة إلى أشخاص يفترشون الرصيف في انتظار معرفة مصير ذويهم من ضحايا الحادث، "كل المحلات كانت مقفولة إلا الأكشاك عشان الناس بيشترو منها أكل ، الإزاز والطوب كان مغطي الأرض وأثار دم في كل حتة وعند مستشفى دار الشفا لقينا زحمة وعربيات اسعاف وممرضات بيدخلو ويخرجو بسرعة.. المشهد كان صعب جدا جدا".
السيدة منى أحمد، 45 عاما، تصف بوم حادث البطرسية، بـ"يوم الرعب"، حيث استيقظت صباحا على صراخ الأهالي ونداءات الاستغاثة، وأسرعت للاطمئنان على جيرانها، خشية من إصابة أحد منهم بمكروه،" جرينا كلنا على الشبابيك نشوف ايه اللي بيحصل برا في الأول مكناش فاهمين إنها كارثة كبيرة كدة بس شايفين حركة مش عادية في الشارع".
اكتشت الشوارع المحيطة بموقع الحادث بالحزن على الضحايا، وحسب حديث منى لـ"الوطن" الشوارع كانت ضلمة ومخيفة والناس خايفة تقرب من مكان الكنيسة وكلنا كنا بنعزي بعض في الشارع بعد يوم الحادثة.
أكدت السيدة الأربعينية، أن الحادث لم يكن سهلا خاصة على أسر الضحايا، ولكن أظهر مساندة الجميع لبعضهم في ذلك الوقت،" كلنا كنا واقفين جمب بعض طول اليوم وربنا يصبرهم كلهم".