ألقى نيافة الحبر الجليل أبينا الحبيب والمكرم الأنبا بولس “أسقف الرعاية والعمران” أسقف إيبارشية أوتاوا ومونتريال وشرق كندا رسالة في مناسبة افتتاح كنيسة القديس سان جوزيف “كنيسة القديس يوسف النجار” في أوتاوا العاصمة الكندية، والذي تمت على مدار يومي السبت والأحد الموافق 2 و3 3 ديسمبر 2023، وسط حضور عدد كبير من الشعب والآباء الكهنة وممثلين عن عدد من الكنائس في أوتاوا.
= الافتتاح الكبير لكنيسة القديس يوسف .. حلم منذ 9 سنوات
قال نيافته في الرسالة: جناب أبونا الحبيب القمص ميخائيل فام، كاهن كنيسة سان جوزيف، الآباء الأجلاء، الأخوة والأخوات وأبناء وبنات المسيح يسوع، والسادة الضيوف وكل الحضور الكريم، سلام ونعمة من ربنا المسيح يسوع.
بعد سنوات عديدة وطويلة من العمل الشاق، وجودكم وتعبكم البناء، وصلنا إلي هذه المناسبة واللحظة الرائعة، التي كانت مصدر فرحة وسعادة كبيرة لي أن أكونا هناك معكم، للاحتفال بالافتتاح الكبير لكنيسة القديس يوسف “سان جوزيف” القبطية الأرثوذكسية في العاصمة الكندية أوتاوا.
أعرف جيدا، مثلما يعرف الكثيرون معي، أنه كان مجرد حلم، منذ عام 2014، ولكننا كانت لدينا رؤية للمستقبل، عندما جاء صاحب الغبطة قداسة البابا تواضروس الثاني وكرس هذه القطعة من الأرض. والآن، وبعد مرور 9 سنوات، لم يعد الحلم، مجرد حلما، وإنما أصبح حقيقة وواقع. ونحن هنا اليوم شهود على الأعمال الرائعة التي باركها الله لنا، ويمكننا اليوم مثل كل يوم أن نرتل مع داوود النبي والملك، قائلين كما في آية (مز 126: 3): “عظم الرب العمل معنا وصرنا فرحين”.
في عالم يزداد الناس فيه فتوار وتغلق دور عبادة .. نشهد بناء كنائس جديدة
أضاف أبونا الأسقف المحبوب وجزيل الاحترام الأنبا بولس “أسقف الرعاية والعمران”: لا أجد الكلمات التي تعبر عن الفرح والسعادة التي أشعر بها، عندما أري كنيسة جديدة تبني باسم الله، لتمجد وتسبح وترتل، شعبها وكهنتها لاسم الرب، ويعيشون في عشرة وحوار واستعداد للحياة الأبدية مع الله، في عالم مثل عالمنا اليوم، حيث يزداد الناس فتورا في قلوبهم، ويبتعدون أكثر عن الحق، الله، فكما علمنا معلمنا مار يوحنا الحبيب في إنجيله عن المسيح يسوع: (يو 14: 6): “قال له يسوع: أنا هو الطريق والحق والحياة ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي”، كما أن الناس ينكرون الحاجة إلي الله في حياتهم. ولكننا في الحقيقة ما زلنا نري الرب يعمل ومحبته تنمو في قلوب وداخل أشخاص صالحين وطيبين مثلكم. كما أننا في الوقت الذي نري فيه اغلاق بعض أماكن العبادة لاعتبارات مختلفة، ببركة وتعضيد الروح القدس المتجسد داخلكم أيها الناس الصالحين، المتنعمين بنور الروح القدس في المعمودية وتعاليم أمنا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، نشهد بناء كنائس جديدة، ونهضتها ونموها، على الرغم من تراجع دورها في بعض المجتمعات. وهذه النهضة البنائية والروحية تحدث وتنمو بفضل عمل الله المتواصل داخل كنيسته، بفضل روحه القدوس المنير داخل قلوبنا وعقولنا.
“كنيسة بلا شباب كنيسة بلا مستقبل” .. وكذلك .. “شباب بلا كنيسة .. شباب بلا مستقبل”
أشار نيافته في رسالته: لقد تعلمنا من مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث أن “كنيسة بدون شبابا، كنيسة بلا مستقبل”. لذلك فإنني أؤكد على أن شباب بلا كنيسة، يعني شباب بلا مستقبل. ومثل ثم على نا أن نعمل على أن يحضر الشباب للكنيسة ذكورا وإناثا، حتي يكون المستقبل أكثر اشراقا، وحتي لا نري فقط الشباب في المستقبل في الكنيسة، بل أيضا لنري الشباب وعائلاتهم وأبنائهم وبناتهم في كنيستنا، حيث أنهم يمثلون المستقبل المشرق لكنيستنا القبطية الأرثوذكسية.
إن هذا الافتتاح الكبير، ليس فقط مجرد احتفالا بعملكم الشاق على مدار السنوات الطويلة الماضية، بل هو أيضا الفرح والأمل، الذي يسيطر على قلوبنا وعقولنا، لخدمة العديد من الأجيال القادمة من الشباب حاليا ومستقبلا. وسيكون هذا المكان -الكنيسة- ملجأ للعديد من الأولاد والبنات، الشباب والشابات، سيبنون هنا علاقات حوار وعشرة وحياة مع الله ومع أنفسهم ومع الآخرين، كما سيجدون من يساعدهم على الارشاد الروح، وسينمون روحيا، ويتعلمون محبة الله، ومحبة قريبهم، هنا في هذا المكان المقدس، الكنيسة.
الكنيسة هي أمنا .. وهي ليست مجرد حوائط .. بل المكان المقدس الذي نصبح فيه أعضاء في جسد المسيح
أكد أبونا الأسقف المحبوب وجزيل الاحترام الأنبا بولس “أسقف الرعاية والعمران” في رسالته: لهذا السبب تعتبر الكنيسة هي “أمنا”، لأنها تعلمنا، وتغذينا، وتحبنا، وتساعدنا على إيجاد الطريق إلي الله. كما علمنا القديس الشهيد الأنبا كيربيانوس، قديس القرن الثالث، قائلاً: “من لا تكون الكنيسة له أما، لا يكون الله له أبا. فإن كان في امكان أحد أن ينجو من الطوفان خارج الفلك، لاستطاع أن ينجو من الموت خارج الكنيسة“.
يا أحبائي، كونوا فطنين وحذرين من أن الكنيسة، ليست فقط مجرد حوائط ومبني، كمكان نجتمع فيه للعبادة، بل هي بالأحرى، هذا المكان المقدس، الذي نتعلم فيه أن نصبح، نحن الكنيسة، أعضاء في جسد المسيح الحي. ونحن لا نريد فقط أن يأتي أطفالنا وأبناؤنا وبناتها إلي الكنيسة، بل أيضا نريدهم أن يصبحوا هم أنفسهم الكنيسة. وعلى نا يا أحبائي، أن ندرك ونفطن أنه فقط من خلال صلواتكم وخدمتكم المحبة، وتفانيكم، سننجح في تربية أطفالنا وأبنائنا وبناتنا منذ الصغر ليصبحوا هم كنيسة الله المقدسة.
يا أحبائي، هذا المكان المقدس، الكنيسة، لن يخدم فقط أطفالنا، بل أيضا كل من يحتاج إلي لقاء الرب والحوار معه والعشرة مع الله. فعندما نستقبل الغرباء، عندما نستقبل اليتامى، عندما نخدم المحتاجين، هكذا سيتبارك كل من هم حولنا بوجود هذه الكنيسة في مدينتنا. ولا تنسوا يا أحبائي كلام الحياة الأبدية، الذي علمه الرب المسيح يسوع للرسل، عندما قال لهم في آية (يو 13: 35): “بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي: إن كان لكم حب بعضا لبعض”. يا أحبائي، فلنحب بعضا بعضا، وليكن هذا الجديد والمقدس – كنيسة القديس يوسف في أوتاوا- مكانا مليئا بمحبة الله لكل إنسان، رجل وامرأة، شاب وشابة، ولد وبنت، ولنملأ هذا المكان المقدس بالصلاة والفرح والسلام، حتى يشعر كل من يدخل هذا المكان المقدس -الكنيسة- بحضور الله، ويتغير بفعل حضور الله في هذا المكان، ومحبته لنا، ونور الروح القدس.
المسيح يسوع يجازيكم الكثير من الخيرات والنعمة ويوسع تخومكم
وختم نيافة الحبر الجليل أبينا الحبيب والمكرم الأنبا بولس “أسقف الرعاية والعمران” أسقف إيبارشية أوتاوا ومونتريال وشرق كندا رسالته وكلمته في حفل افتتاح كنيسة القديس يوسف “كنيسة سان جوزيف” في العاصمة الكندية أوتاوا، والذي تم على مدار يومي السبت والأحد 2و3 ديسمبر 2023، قائلا: في الختام أود أن أعرب عن عميق امتناني لأبينا الحبيب القمص ميخائيل فام، كاهن كنيسة سان جوزيف، ومجلس الشمامسة، ولجنة البناء، وللسادة الضيوف ولجميع الحضور ولكل شعب الكنيسة، لأنكم عملتم بلا كلل، وندرك ونري جهدكم وحبكم، ليجازيك الرب المسيح يسوع الكثير من الخيرات والنعمة ويوسع تخومكم. أما أبنائي وبناتي من شعب كنيسة القديس يوسف في أوتاوا، فأتقدم لهم بالتهنئة بهذه المناسبة العظيمة، وأتمني أن تكون بداية لشيء وعمل جميل في حياتكم، وحياة كل من سيأتي بعدكم إلي هذا المكان المقدس، الكنيسة، جسد المسيح يسوع، ولله كل المجد إلي أبد الآبدين، آمين.