قال الكاتب طارق حجي، في كلمته باحتفالية مئوية مدارس الأحد، التي أقيمت أمس بمسرح الأنبا رويس بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، قداسة البابا تواضروس وأصحاب النيافة الأساقفة والمطارنة.. سمعتم كثيرًا عن مدارس الأحد الليلة فاسمحوا أن أضعها في إطار مسيرة التعليم خلال 150 سنة.
عندما ينظر المؤرخ خلال مسيرة التعليم في السنوات الماضية يرى أربع محطات والغريبة أن المحطات الأربع تنتمي إلى بابوات يحملون الاسم ذاته: "كيرلس"
المحطة الأولى : محطة البابا كيرلس الرابع
اشتهر البابا كيرلس الرابع بأنه جلب إلى مصر ثاني مطبعة بعد المطبعة الأميرية وقد يسأل الإنسان نفسه هل أتى البابا بالمطبعة مسايرة للعصر أم هنالك أبعاد أخرى؟ ونتذكر كلماته عندما جلب المطبعة "لولا هيبة المنصب لرقصت أمام المطبعة، كما رقص داود أمام تابوت عهد الرب" وهذا ما يثبت أن المطبعة كانت النقطة الفارقة في التعليم في أوربا فلم يكن فقط يساير العصر، والدليل على ذلك أن أول أعماله كان إنشاء مكتبة، وهو أول من أنشأ مدارس للبنات قبل قاسم أمين بـ 50 سنة، وخلال دراستي للمدارس التي أنشأها للبنين لاحظت شيئًا في غاية الأهمية -مع العلم أنه خدم 7 سنوات فقط- لاحظت أن مدرسته خرجت أربع وزراء اثنين منهم أقباط واثنين مسلمين، هم بطرس غالي رئيس وزراء 1908 وحسين رشدي 1914 رئيس الوزراء ويوسف وهبه 1919 وعبد الخالق ثروت 1920 هذه المحطة الأولى.
المحطة الثانية: محطة البابا كيرلس الخامس
سمعتم عن هذه المحطة من البعض اليوم وأهمها إنشاء الكلية الإكليريكية في عهد البابا كيرلس الخامس ربما لا يعرف البعض أن البابا كيرلس الخامس عاصر خمسة من حكام مصر هم الخديوي إسماعيل، والخديوي توفيق، والخديوي عباس حلمي، والخديوي حسين كامل، والملك فؤاد. وكان مدرسًا وهو طالب عام 1897 كان مدرس الدين في الكلية الإكليريكية، وأسمي المحطة الأولى مرحلة "العلم" والثانية "المعلم "
المحطة الثالثة والتي تحتفلون بها اليوم تركز على المتعلم إذ أن هناك رؤية واهتمام بالعلم.
الأمر لم يكن مصادفة اهتمام بالعلم والمعلم واليوم بالمتعلم، والمحطة الثالثة هي الأكبر لأنها تجني ثمار ماسبق وكانت في عهد البابا كيرلس الخامس وكان وفيًّا وهو الناسخ "حنا الناسخ" (اسمه قبل البطريركية حيث كان راهبًا ناسخًا ينسخ الكتب والمخطوطات).
واليوم أضيف المحطة الرابعة للبابا كيرلس السادس 1962 م وهي "إنشاء أسقفية التعليم"، وهذا معناه أن لدينا محطة العلم، ومحطة المعلم، ومحطة المتعلم، وأخيرًا محطة الفكر الاستراتيجي الذي يحكم منظومة التعليم، وعهد بهذه المهمة للأنبا شنودة قبل يرسم بابا بسبع سنوات.
هذه المسيرة في غاية الأهمية وأحب أن أنهي كلماتي بما قد يظهر غريبًا للبعض، طه حسين كتب في "مستقبل الثقافة في مصر" باستفاضة عن مدارس الأحد، عن الفكرة والتجربة ربما لم يتصور أحد أن طه حسين كتب عن مدارس الأحد وضرب المثل لمنظومة التعليم الجيدة عام 1938 م بعد أن كان عددها وصل إلى 85 فصلًا وأعطى مثالًا لتجربة يجب أن ينظر إليها ويهتم بها.
ومن أهم مخرجات مدارس الأحد هو إخراج أن "جميعنا مصريون" وهذا التوازي غير مستحيل أن تكون مسيحيًّا ومصريًّا وأن تقبل وأن تحترم الآخر، وهذا النموذج الذي قدمته مدارس الأحد أن كينونتى لا تنفي احترامي للآخر.