نشر الأنبا مكاريوس أسقف المنيا وأبو قرقاص، مقالاً له عن الست عفيفة، التي ترأس صلاة جنازتها بالأمس، والتي خلت من الحضور، قائلاً: الست عفيفة تنيحت اليوم "الست عفيفة" عن عمر يناهز 82 عامًا، بتولًا لم تتزوج، عاشت وحيدة تمامًا لسنوات قبل أن نتعرف عليها في حجرة بسيطة في حي بسيط، وطفحت المجاري في حجرتها ووقعت وانكسرت رجلها فحملها أحد الخيّرين من إخوتنا المسلمين إلى المستشفى، ثم أبلغنا.
ومن ثَمّ أشرفت الكنيسة التابعة لها على علاجها، ثم نقلتها إلى دار المسنات التابع للمطرانية، هناك قضت سنواتها السبع الأخيرة، مِصلِّية هادئة صامتة، حتى رحلت في هدوء ظهر اليوم - الأحد 20 يناير 2019م - بعد نزلة برد حادة. وأضاف الأنبا مكاريوس، بعد أن قاموا بما يجب من نحوها في مثل هذه الظروف حملوها إلى الكنيسة، فذهبتُ ومعي ثلاثة من الآباء الكهنة، ومعنا فقط العمال الذين سيحملون جسدها إلى القبر، فلا صديقًا لها ولا جارًا ولا قريبًا من أيّة درجة؛ فمنذ دخلت الدار ونحن بمثابة عائلتها والمسئولين عنها.
وفي الكلمة القصيرة أثناء صلاة الجنازة، قلتُ: إن كل من هؤلاء السبعة الحاضرين يساوي ألفًا من المجاملين العاديين في الجنازات.. وسواء في الجنازة التي يحضرها الآلاف أو مثل هذه التي لا يحضرها أحد، ففي النهاية سيتعلق مستقبل الشخص بعلاقته بالله في حياته، فليس مهما كم عاش ولا أين مات ولا كيف مات ولا كم شيعوه أو بكوه؛ ولكن كيف عاش؟ وشدد أسقف المنيا بقوله، هناك كثيرون ماتوا في هدوء دون أن يعرف بهم أحد، وربما دون صلاة بل ودون دفن، والله وحده الذي يكافئهم.. هكذا خرجتْ من العالم بدون أي شيء سوى بعض قطرات من دموع مخلصة بكت وحدتها وتخلّي الكل عنها.
فقد عاشت الغربة في أبلغ صورها، ورضيت من الحياة بأقل القليل دون تذمر، ومضت إلى مواضع الراحة ليعوضها الله أجرًا سمائيًا.
نيح الله نفسها في الفردوس، وعوض كل من تعب معها وقد أخذ العربون بنوال بركة خدمتها.