تباينت مواقف سياسيين مستقلين وأحزاب سياسية في تونس من تكليف الرئيس قيس سعيد لوزير الداخلية في الحكومة المستقيلة هشام المشيشي بتشكيل حكومة جديدة.
ولم يكن المشيشي البالغ من العمر 46 عاما، الذي يخلف رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، من الأسماء التي رشحتها الأحزاب السياسية للرئيس.
وفي تعليقه على تكليف المشيشي، قال الناشط السياسي التونسي علي مبارك لـ "مصر العربية": لا أعتقد أن المشيشي هو الخيار المناسب في ظل التوتر الموجود في المشهد السياسي، متوقعا أن يتسبب هذا الاختيار في تعميق الأزمة السياسية في تونس.
ووصف مبارك اختيار الرئيس للمشيشي الذي ضرب بمقترحات الأحزاب عرض الحائط بأنه خرقا صارخا لروح الدستور، معتبرا أن الرئيس استغل ثغرات قانونية في الدستور ليكلف رئيس للوزراء من خارج الأسماء التي رشحتها الأحزاب.
وتوقع أن تكون تشكيلة الحكومة القادمة من خارج الخارطة الحزبية الممثلة في البرلمان، الأمر الذي قد يؤدي إلى رفض حزب النهضة والأحزاب المساندة له منح الثقة للحكومة وبالتالي تعود الأمور للفصل 89 من الدستور الذي يجيز لرئيس الجمهورية حل البرلمان والذهاب الى انتخابات برلمانية مبكرة.
ورأى أن هناك سيناريو آخر محتمل يشبه ما حدث مع حكومة إلياس الفخفاخ وهو المصادقة عليها، وبذلك تمديد الأزمة السياسية في تونس.
واعتبر مبارك أن الحل العاجل للأزمة وهو ابتعاد الجميع عن منطق لي الذراع وتقديم مصلحة الوطن على مصلحة الحزبية الضيقة وتكوين حكومة وحدة وطنية تشمل الجميع والانكباب على استكمال المؤسسات الدستورية كالمحكمة الدستورية وتجديد هيئة الانتخابات.
من جانبه، اعتبر الباحث السياسي الدكتور رياض الشعيبي أنه ليس المهم هو الشخص الذي وقع اختياره لتشكيل الحكومة، وإنما خلفية هذا الاختيار والبرنامج السياسي الذي سيعمل عليه رئيس الحكومة المكلف
.
وأشار الشعيبي الذي تولى رئاسة حزب البناء الوطني قبل حله، في تصريحات لـ "مصر العربية" إلى أن العديد من المواقف السياسية مازالت متحفظة على الاختيار، تخوفا من تحول نظام الحكم الى النمط الرئاسي.
كما اعتبر أن بعض المواقف الداعمة لتكليف رئيس الوزراء الجديد لم تتجاوز مجرد المناكفة والمزايدة السياسية.
وعن توقعاته لمنح الثقة للحكومة من عدمه قال:" لازال الوقت مبكرا على ذلك، يجب انتظار مواقف الكتل البرلمانية أولا".
مواقف الأحزاب تباينت هي الأخرى، فقد أعربت أحزاب وكتل برلمانية تونسية عن ترحيبها بتكليف المشيشي، بينما تحفظت ورفض أخرى.
فقد أعلن حزب "قلب تونس" أنه ليس لديه أي تحفظ على رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي.
في المقابل، تحفظت أحزاب كحركة "النهضة" و"التيار الديمقراطي"، التي رأت التريث إلى حين العودة لهياكلها الحزبية قبل إعلان موقف رسمي.
وبعيدا عن الموقفين السابقين، سارعت كتلة "ائتلاف الكرامة" إلى التعبير عن رفضها تكليف المشيشي.
وأمام المشيشي شهر من الآن لتشكيل حكومة في أجواء من التوتّرات السياسيّة بين الأحزاب الرئيسيّة.
وسيتعيّن عليه بعد ذلك الحصول على ثقة البرلمان بالأغلبيّة المطلقة، وإذا فشل في ذلك، سيتمّ حلّ البرلمان وتنظيم انتخابات جديدة في غضون ثلاثة أشهر.
ويُنظر للمشيشي على نطاق واسع باعتباره مقربا من سعيّد وكان مستشارا له في السابق، وباختياره يكون الرئيس قد نحى جانبا كل الترشيحات التي قدمتها الأحزاب السياسية وهو ما يجعل النتيجة غير مضمونة داخل البرلمان.
وكان المشيشي أيضا عضوا بالهيئة الوطنية للتقصي حول الفساد التي تشكلت في عام 2011 عقب الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي.
لكن محللين يقولون إن المشيشي ليست لديه خلفية اقتصادية بينما تعاني المالية العامة وضعا حرجا للغاية، وتحتاج البلاد لإصلاحات عاجلة يطالب بها المقرضون الدوليون.
ويأتي تكليف مشيشي بتشكيل الحكومة في اليوم الذي تحتفل فيه تونس بالذكرى الثالثة والستّين لإعلان الجمهوريّة الذي تمّ فيه إلغاء النظام الملكي وإعلان النظام الجمهوري سنة 1957.