بقلم حمدى رزق
صورة النائبة فايقة فهيم بصحبة الأنبا بولا، كاهن كنيسة الزقازيق، ورهط من إخوتنا المسيحيين، وهم ينتظرون فراغ المصلين من سماع خطبة الجمعة والمدائح النبوية ليباركوا ويهنئوا إخوتهم بافتتاح مسجد الخير بقسم الحكماء بالزقازيق، صورة مصرية خالصة، صورة الرقى والتسامح الذى يعبر تماماً عن روح مصر الطيبة تعبيراً شعبياً رائعاً.
صورة بألف مقال، وبألف خطبة، وبألف مقدمة فضائية زاعقة بالوحدة الوطنية، صورة يعجز عن وصفها القلم السيال، المسيحيون يبدعون فى حب المسلمين، ويرسمون لوحات بحبر القلب، اصطفاف القساوسة فى باحة المسجد بلباسهم المميز ولحاهم صورة لا تراها إلا فى أفلام الأبيض والأسود، أيام حسن ومرقص وكوهين، عادت اللوحة بألوانها الطبيعية، لوحة تبرهن على المحبة والسماحة وترد غائلة المتطرفين وتمنع أذاهم وتجسد ما ينكره المرجفون من وحدة وطنية هى عنوان عريض لمصر المحروسة بعناية الله وحوله وقوته.
نموذج ومثال، المسيحيون يضربون أروع الأمثلة، طوبى للساعين إلى الخير، يقيناً الأنبا بولا احتل مكاناً طيباً فى قلوب المسلمين، كانت جد مفاجأة سارة أعدها مسيحيو الشرقية لإخوتهم، الرسالة حُرّرت فى الزقازيق، رسالة بعلم الوصول.. رسالة حب.
المسيحيون فرحون بافتتاح مسجد، ويصطفون بعد صلاة الجمعة ليباركوا افتتاح بيت من بيوت الله يذكر فيه اسمه سبحانه من بذر المحبة فى القلوب، نفسى ومنى عينى يصطف المسلمون يوم افتتاح كنيسة يباركون ويهنئون إخوتهم، وينثرون الورود على الرؤوس، قريباً إن شاء الله.
افتتاح مسجد مثل افتتاح كنيسة، بيوت الله، الفطرة الطبيعية للشعب المصرى سليمة وتعبر عن نفسها بمئات الصور الرائعة، ومنها الصورة فى باحة مسجد الخير، لماذا إذن تتصدر صور الجفوة والرفض والعنف والتفجير والتهديم الشاشة، لماذا تهيمن طيور الظلام على الصورة، لماذا تتصدر وجوه البغضاء المشهد، لماذا يشوهون وجه مصر الطيب؟
الطيبون دوماً حاضرون، ويستلزم تكثيف الحضور والظهور، مقارنة ما جرى فى كوم اللوفى بالمنيا بما جرى بقسم الحكماء فى الزقازيق يبرهن على أن ما يجرى هناك فى الصعيد مخطط وممنهج لإشعال فتنة، أياد آثمة تعبث هناك، وما يجرى فى الحكماء من وجوه الحكمة، وجوه طيبة تسعى فى الخير فى باحة مسجد الخير، ليت إخوتنا الطيبين فى كوم اللوفى يستوعبون درس الحكماء فى محافظة الخير (الشرقية).
مسيحيو الحكماء مثل كل مسيحيى مصر يعلمون أن لهم فى القلب مكاناً، فاحتلوه بطيب صنيعهم، ومسلمو الحكماء فتحوا قلوبهم قبل بيوتهم ليسكن فيها المسيحيون، هذا الذى جرى فى الحكماء يجب أن يترجم إلى منهج مصرى متكامل فى السماحة والتعايش بين الأديان.
أحب للناس ما تحبه لنفسك، ابن لأخيك مكاناً للصلاة كما تحب أن تصلى، لا تمنعه من صلاة، الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام أفسح فى مسجده الشريف مكاناً لصلاة نصارى نجران، صلّ ودع أخاك يصلى، لا تضيق عليه فى الطرقات، الوطن يسع الجميع، والأرض تسع لألف مسجد وألف كنيسة، الدين لله والوطن للجميع.